هم الذين لا يعرفون شيئاً عن الكتابة يظنون أو تظن بأنهم يظنون أنك مختلف ,هم الذين يجهلون الفرق بين آلة موسيقية و أخرى يعتقدون أن الموسيقى ممتعةٌ في النهاية و الشكرُ للموسيقى لا أحد يخطئ و يتذكرك أنت الذي تعمل كل يوم في تشذيب الأعشاب الضارة , أنت الذي تصارع الحيوان الذي يهين ظهرك المستقيم و عقلك المُفكر , أنت الذي يدين المرايا التي تعكس الأثر الوحيد , الأثر اليتيم في ملامح وجهك المنعكس الأثر هو الموجود لكن تكتشف - لاحقاً - أن الصورة غائبة , هم يرون جناحيك و يقرؤون تعويذة ثم ينامون مستريحي البال , أنت تضطر لأن تغيّر جلدك المتدنس بالخطايا على الدوام الجلد الذي يقول بأنكَ حقير كحشرة خبيث كأفعى لئيم كجدار , لا شيء يجرح سكون الجدار إلا فكرة لئيمة بالانتحار تقول له : انتظر حتى أموت ! فيرهقه الوعيد حتى يكاد يشعر بحياتك , لكنهم هم الذين لا يعرفون شيئاً عن انفعالاتك هم لا يتذكرون الجسد الأول الذي جئت فيه الجسد الذي كان مكتوبا في لائحةالقادم , يوماً ما ستجيء أنت و تغيّر العالم لكن أحداً لا ينتظر قدومك لذلك تتأخر لذلك تستمرُ في لعب الدور الذي فرضوه عليك , تكسر قدماً أو ذراعاً لتبرهن أنك كما يعتقدون تماماً لتبرهن أنك تستطيعُ أن تحمل الأرضَ فوق ظهرك لمجرد دوافعكَ النبيلة لا للتصفيق لا للتمجيد لا للتقديس لا لأن يتذكرك أحد و لا لأن ينساك أحد , لكن روحك تحتقر الطهر و أنت تعلم مشاعرك الميتة جداً تكرهُ أن ترقص لهم دون أن يلاحظوا كم أنتَ جثة , صوتك يمقتُ صوتك و صمتك يقتلُ صمتك ثم هنالك الحرب التي تظهر فيها زرقةُ دمك , الحربُ في رأسك في أحلامك في الساعات القليلة التي تقرر فيها الخروج إلى نزهة قصيرة , الحربُ في كلماتك كل كلمةٍ تدين أختها بالكذب , الحرب في بين اكمالية القصوى التي تتصف بها حياتك و النقصان المحتم الذي تقرُ بوجوده فيك , و السلام ..السلام في لونِ بشرتك المخادعِ ربما السلامُ في علبة سجائرك في فنجان قهوتك الذي تنساه في كل مرةٍ ليتجمد المذاق في فمك , السلامُ في قبلة تطبعها أمك فوق جبينك .. فوق جبين الإنسان الذي يُجسّد الخيبة و يقع في حبِ الأمل , هم الذين يزورنك و أنت مريض لا يعرفون عدد المرات الذي كنت بحاجةٍ فيها لأن تعرف كم أنت مريض , هم الذين يعتقدون بأنك طيّب لأنك طيّب حقاً أو لأنك بارعٌ في إخفاء وحشيتك , في كل الأحوال لا شيء ينفي بأنكَ أقوى من ما يظنون لا شيء يغير الحقيقة أنك الكاتب الموسيقي و الملاك الذي لم يشعر أبداً بجماليةِ أعماله كما لوّثت صفاء عينيه زيفها , لا شيء ينفي كمالك إلا الخوف المستمر بأن يُفضح أمرك بأن يعرف الغصن أنك لستَ جزءاً منه بعد الآن , بأن تصحو كل أوجاعك الصامتة في لحظةِ حنين واحدة تنهار الأسماء , الذكريات , الروابط التي كان لها الفضل في كونك مستقلاً عن الأرض .. هم لا يعرفون حين يقولون لك كم أنتَ بارع أنهم يلمسون النصف الآخر المتغطرس المختفي تحت أنقاضِ المقاومة ,آذانهم التي تنتشي لجمال موسيقاك لا فكرةَ لديها أنه اللحن ذاته الذي سيسمعونه حين تطلق العنان للضوء حين تفتح الألف ستارة التي تحجبك عنه , اللحن نفسه حين تصبح عيوبك المكتومةُ علناً حين يقروّن أخيراً كم أنت عارٌ على نفسك عارٌ على الكتابة و عارٌ على الموسيقى ربّما يشمئز منك الموت من الرائحة النتنة التي تعفن بها ماضيك , من الاستحالية في أن تؤخذ روحك بشكل أقسى من ما وهبت لك في البداية , الخوف كل الخوف أنهم لا يعرفون كم أنت شؤم و هذا على وشك أن يتغيّر , لأنك صليت في سرك لسقوط حجرة في نهر الركود الذي تتكرر به حياتك
No comments:
Post a Comment