Thursday, April 19, 2012

belle de jour 1967



الفيلم  من اخراج المخرج لويس بونويل و بطولة كاترين دينف , تدور أحداث الفيلم حول التركيبة النفسية الغامضة لامرأة  ذات شخصية مزدوجة فهي تعيش دور الزوجة الباردة في علاقتها مع زوجها و دور العاهرة في جسد واحد , ساعات محددة تذهب فيها إلى بيت "مدام آنيس" التي تدير علاقات الزبائن مع النساء اللاتي يعملن لديها , تأخذ حياة سفرين نمطاً جديداً لتسقط أمام " بيل دو جور " اللقب الذي رفع الخيط الرفيع بين الخيالات و السلوك الواقعي المنضبط الذي اعتادت عليه , شخصية سفرين تجسد المرأة الفرنسية ذات المظهر الأرستقراطي الخلاب لسبب ما لا يكون هذا المظهر كافياً لها فنبدأ في المشهد الأول من الفيلم بالتقديم الـ بونويلي المميز هذه المفارقة التي تكاد تكون ملغية بين المشهد الافتراضي و المشهد الحقيقي أو بينما ما حدث و ما أخذته خيالات الشخصية الرئيسية على محمل ما قد يحدث ففي المشهد الأول ظهور للصورة الكاملة التي تستعرضها بقية مشاهد الفيلم بشكل مجزء , يحاول بونويل أن يشبع الجانب الحرُ للمُشاهد قبل الجانب الممتلئ بالفكرة إذ أنه يتعمد أن يتيح له استخدام خياله في الاستعارات البصرية في كثير من المشاهد , مشهد سفرين أثناء تلبيتها لرغبة أحد العملاء بالتمدد داخل تابوت متظاهرةً بالموت على سبيل المثال كذلك مشهد الرجل الآسيوي الذي كان يحمل بيده صندوقاً يصدر منه طنين و دون أن تكون هناك صورة ثابتة في الذهن يترك بونويلي المساحة الكافية لفضول المشاهد لأن يدرس غموض المشهد بأسلوبه الخاص كأن المشاهد يشارك في حبكة الفيلم بشكل خفي , كذلك الامتاع البصري الذي أتقنه في شخصية سفرين جمالها المشتت بين العفة و التمرد , ماركة اف سانت لوران على الثياب الفخمة التي تنتهي -لاحقاً- في خزانة حيث تتزاحم الأسئلة حول السبب الذي يدفعها للانقياد إلى الصورة المغوية للانجراف و في ذات الوقت للتمسك بحياتها المستقرة مع زوجها الذي لا يبدو فيه سبب واضح لوجود بيل دو جور داخل عقل زوجته , المخرج الذي عُرف بأعماله السيريالية و التي تناولت في هذا العمل شخصية على درجة واضحة من العمق , الغموض الذي يحيط بخيالات الإنسان و ارتباطاتها و تناقضاتها مع الواقع كذلك من خلال شخصياتالزبائن الذين عاشت من خلالهم سفرين دور " بيل دو جور " ارتباط حياتهم الجنسية بالجوانب الدفنية التي تركتها التجارب الشخصية لهم و علاقة العقل الباطن بدافعية الفكرة المتأصلة التي تخلق لهم جو الاثارة الخاص بهم و المستند إلى جوانب عميقة من السلوك الذي يظهر كاملاً من خلال مشهد مؤثر جسدياً و عاطفياً , كذلك بالنسبة إلى النهاية - التي كان لها وقعها المميز الساخر - يعتمد هذا المخرج على الآلية التي تقتل الروتين المكرر لمفهوم النهايات و البدايات في الأفلام و يعطي المجال للشعور بالمفاجأة التي يركز الغالبية على اضافتها في الحبكة متجاهلين أن الأطراف الأساسية لجذب انتباه المشاهد المبدئي هما في كيفية التقديم الأول أي المشاهد الأولى و كيفية اختتام المشهد الأخير بهذا يضمن أن قراءة الجمهور أو النقاد للفيلم لابد و أن تكون متباينة لا استناداً على الذائقة فحسب و إنما على الايحاء البصري و الحسي و العاطفي و العقلي الذي يكون هو الدور الذي يلعبه المُشاهد في الفيلم , بطريقة أخرى يمكنني أن أقول من وجهة نظري أن الفيلم الذي يعتمد على المشاهد كما يعتمد على المخرج و الكاتب و المنتج هو الفيلم الذي ينجح في خلق التأثير لاسيما أن الدور مرهون بالخيال الذي يختلف من مُشاهدٍ إلى آخر .. 
كاترين دينيف تميزت كثيراً في تقديم الدورين في شخصية واحدة إذ أنها انتقلت من البرود و الخجل في المشاهد الأولى من الفيلم إلى الحيوية و الثقة في المشاهد الأخيرة و ذلك كان يتضح تدريجاً على انفعالاتها و ملامح وجهها و حتى تصفيفات شعرها و ثيابها , لا أنسى أيضاً الدور الجبار للكاتب جوزف كيسيل الذي كان له الفضل في التفاصيل الأدبية الجميلة للفيلم , لم يعتمد الفيلم على الموسيقى التصويرية لتثبيت عاطفة مشهد من المشاهد إذ كان هنالك مساحة لأصوات أكثر حسية مثل التفاوت بين ضوضاء شارع و هدوء آخر , في النهاية أصنف هذا العمل من روائع بونويل بالرغم من أنه لا يوجد استنزاف مالي هائل لخلق بيئة الفيلم إلا أن الرسالة الحقيقة مرهونة بالتقديم نفسه ..

No comments:

Post a Comment